اكسر يأسك بإرادة الإنتصار
أفضل أنواع المتع هي متعة الإنتصار على معوقات الحياة
و عدم السماح لها بإحداث أي خدش و لو كان بسيطاً في إنسانية صاحبها
و احترامه و تصالحه مع نفسه
و لكي تتحقق هذه المتعة
لابُد
أن يحترم الإنسان نعمة الحياة
و أن يضع لنفسه خطوطاً حمراء في التعامل مع نفسه
و مع من حوله
بل و مع الدنيا كلها
،
و ألاّ يتصرّف أبداً كرد فعل لما يحدث من حوله
و ألاّ يترك دفة حياته تختل من بين يديه
لأنه إن فعل فسيمسك بها غيره
مع ملاحظة أن الهبوط إلى الهاوية أسهل كثيراً من الصعود إلى القمة
،
،
ففي الهبوط يكفي أن ينسى الإنسان نفسه و سيهوي بأسرع مما يتخيل
أما في الصعود فلابد من الوعي
أولاً بأهميته
ثم تنمية الرغبة فيه ثانياً
و يأتي بعد ذلك احتضان المثابرة
و وضع مكاسب الصعود نصب عينيه ليلاً و نهاراً
لتهون عليه مشاق الصعود
و لتكون ترنيمته المتفردة أثناء الصعود ليستمتع بكل مراحله
،
و يمنح نفسه من آن لآخر
استراحة محارب
ينتشي فيها بالقدر الذي حققه
و يربت على نفسه ليزيل أوجاعه
فلا أحد سيفعل ذلك أفضل منه
و هذا أرقى و أذكى من انتظار التربيت من الخارج
،
وقد علمتنا الحياة
أن القوة تكمن في الإستغناء
و أن الذكي هو من يقوم بتعويض نفسه أولاً بأول عمّا فاته
و لا يضيع سنوات العمر في تسول ذلك من الآخرين
،
الحياة ثروة فلا تُضيعها
و على من يريد تأجيج إرادة الإنتصار بداخله
أن يثق دائماً أن حياته هي ثروته الحقيقية
فلا يبدد أي لحظة منها في عناء بلا جدوى
أو في مخالطة من يجذبونه إلى الأسفل
أو في الاستمرار في التجارب الفاشلة
و الإستسلام لاحتكار الرثاء الذاتي وتهويل معاناته
و توهم أنه وحده من يتألم في الحياة فيهزم نفسه
و يسمح للألم بتشويه نظرته للحياة
و يحرم نفسه من البحث عن الحلول الواقعية لمعاناته
و يفرح بتقليصها قدر المستطاع
و يتشاغل عمّا لا يستطيع التخلص منه
،
،
فالمنتصر في الحياة هو من ينتبه للعلامات في الوقت المناسب
فيقفز بعيداً قبل تزايد الخسائر
و عندما يتعرض للهزيمة من آن لآخر
لا يحتكر الرثاء لنفسه و لا يبحث عن الإنقاذ الخارجي
و لا يطيل المكوث على الأرض
بل يسارع باحتواء ألمه و التأكيد بأنه ليس قابلاً للكسر أو حتى للخدش
و الاستمتاع بترميم جراحه
و اعتبارها أوسمة على شرف المحاولة و عدم الاستسلام
و يتذكر أن من لا تهزم روحه لا يهزم أبداً
و يصنع لنفسه من شراب الهزيمة المر مادة حلوة
لتجارب قادمة ناجحة ويخوض الحياة بقلب شجاع
،
لذا
فإن المنتصر في الحياة
يخرج من هزائمه - ولا يوجد محارب بلا هزائم- بخبرات هائلة
تضاعف من وعيه الإنساني
و من اتساع أفقه
و من رحابة قلبه
و نور روحه
ممّا يقوي عزيمته و يجعله أهلاً للانتصارات المتواصلة
،
،
وقفة مع النفس
لذا علينا أن نجلس مع أنفسنا من آن لآخر
بعيداً عن أي مؤثرات خارجية
لنرى كيف تسير حياتنا .. و هل تمضي كما نريد
أم أن معوقات الحياة هزمتنا وأخذتنا بعيداً
عن طموحاتنا وأحلامنا وأحياناً إنسانيتنا أيضاً
و لابد أن نتحلى بالأمانة التامة في هذه الجلسة
على ألاّ نبالغ لا في القسوة على النفس
و لا في خداعها بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان
فدائماً يمكن إيجاد ما هو أفضل
و بإمكاننا التنافس مع أنفسنا
لانتزاع أفضل ما في داخلنا
بحب ورفق
و منحها إدارة دفة حياتنا
و مساعدتها بكل ما نملك من طاقات
وطرد كل ما يقلل من انتصاراتنا في الحياة أولاً بأول